هنالك بعض المعجزات التي تستدعي أن يقف الإنسان أمامها طويلاً ليقول سبحان الله، وهنالك بعض العجائب في القرآن، تحدث تأثيراً كبيراً عندما يراها الإنسان لأول مرة. .....
فإن أجمل اللحظات التي يعيشها المؤمن هي تلك اللحظات عندما يكتشف معجزة جديدة تتجلى أمامه للمرة الأولى في حياته فيقف خاشعاً أمامها، ولا يملك في هذا الموقف إلا أن يقول: سبحان الله.
ومن هذه الروائع العددية في القرآن الكريم ما نجده في سورة يس، هذه السورة العظيمة المليئة بالمعجزات العلمية وهي سورة الشفاء التي تتلى على الأمراض فتشفيها بإذن الله تبارك وتعالى، والأهم من ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال فيها: (ويس قلب القرآن) انظروا إلى هذه العبارة التي أطلقها النبي عليه الصلاة والسلام أن سورة يس هي قلب القرآن، فإن لكل شيء قلباً ويس هي قلب القرآن.
وهنا عندما يتأمل الإنسان مقدمة هذه السورة: (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) [يس: 1-2]. في هذه الكلمات القليلة بعددها ولكنها ثقيلة عند الله بمعانيها سبحانه وتعالى، في هذه الكلمات لخص الله تبارك وتعالى لنا قول النبي بأن يس قلب القرآن، ولخص لنا سور القرآن، ومرات ذكر كلمة (القرآن) في القرآن.
فكلمة القرآن وردت في القرآن الكريم هذه الكلمة (58) مرة، كلمة قرآن والقرآن وردت في القرآن (58) مرة بالضبط، وعدد سور القرآن هي (114) سورة، وسورة يس هي من السور التي تبدأ بحروف مقطعة، يعني (الياء والسين) وهنالك في القرآن (29) سورة تبدأ بهذه الحروف، تبدأ بسورة البقرة (الم) ثم سورة آل عمران أيضاً في مقدمتها نجد (الم) ثم سورة الأعراف تبدأ بـ (المص) وهكذا.. حتى نصل إلى آخر سورة وهي سورة القلم التي تبدأ بـ (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) [القلم: 1].
وسورة يس يأتي ترتيبها بين هذه السور (19) يعني لو قمنا بترقيم هذه السور المقطعة التي تبدأ بحروف مقطعة من الرقم 1- إلى الرقم 29 سوف نجد العدد (19) يعني ترتيب سورة يس بين هذه السور هو (19).
أصبح لدينا الآن ثلاثة أرقام تميز هذا القرآن وهذه السورة:
أولاً: عدد سور القرآن (114).
ثانياً: عدد مرات تكرار كلمة (القرآن ) في القرآن كله (58) مرة.
ثالثاً: ترتيب قلب القرآن (يس) في هذه السور التي تبدأ بالافتتاحيات هو (19).
والفكرة التي أود أن أقدمها، بما أن هذا النص الكريم الذي يقول: (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) بما أن هذا النص يتحدث عن القرآن، فهل أودع الله في ترتيب حروفه معجزة تدل على أن الله تبارك وتعالى هو قائل هذه الكلمات، هذا ما نقصده بالإعجاز العددي، أن نجد معجزة في كل آية من آيات القرآن تدل على أن هذا الإحكام العددي لم يأت بالمصادفة ولم يكن لبشر أن يأتي به إلى يوم القيامة لأن الله تبارك وتعالى قال: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88].
فلو جئنا بهذا النص القرآني (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) أربع كلمات وكما أقول دائماً لدينا منهج ثابت دائماً في أبحاث الإعجاز العددي أننا نعد الحروف كما ترسم في القرآن، ونعدّ الواو كلمة مستقلة بذاتها لأنها تكتب منفصلة يعني عندما ننظر إلى القرآن نرى حرف الواو منفصلاً عن الكلمة لا يتصل بالكلمة التي بعده يعني يختلف عن حرف الباء وحرف الفاء، الفاء إذا قلنا: (فَـاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 64]. الفاء تتصل بكلمة الله، لذلك لا نعدها كلمة‘ حرف الفاء نلحقه بالكلمة التي تليه، لأنه يتصل بها، حرف الباء أيضاً إذا قلنا مثلاً (بالله) أيضاً الباء يتصل فلا نعده، أما إذا قلنا: (وَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الحشر: 6]. الواو هنا عبارة عن كلمة لأنها لم تتصل بالكلمة التي بعدها فنعدها كلمة مستقلة عدد حروفها واحد.
وهذا التقسيم موافق لقواعد اللغة العربية، لأن قواعد النحو تقول بأن الكلمة (اسم وفعل وحرف ) و(واو) العطف هي حرف مستقل، لذلك نعده كلمة، الكلمة (اسم وفعل وحرف) إذاً (واو) العطف هي كلمة مستقلة.
يس: نحن أمام حرفين (الياء ) و(السين) نكتب رقم 2 تحت هذه الكلمة: {يس} إذاً حرفان (2).
وَ: حرف واحد نضع الرقم واحد (1).
الْقُرْآَنِ: إذا قمنا بعدها نرى ستة أحرف ونعد الحروف كما ترسم يعني الهمزة لا نعدها حرفاً لأنها لم تكتب على زمن النبي صلى الله عليه وسلم نعد الحروف كما رسمت على زمن النبي عليه الصلاة والسلام (6).
الْحَكِيمِ: أيضاً ستة أحرف (6).
يس وَ الْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ
(2) (1) (6) (6)
إذاً أصبح لدينا العدد الذي يمثل حروف قول الحق تبارك وتعالى (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) هو من اليمين إلى اليسار: 6612 وطبعاً نحن عندما نقرأ هذا العدد فإننا نقرأه ستة آلاف وستمائة واثنا عشر. (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) العدد الذي يمثل تسلسل حروف هذا النص القرآني هو (6612).
ولكي لا نترك أي تساؤل لدى من يطلع على هذه المعجزة القرآنية وقبل أن نستكمل هذه المعجزة أود أن أقول: إن موضوع الإعجاز العددي موضوع ثابت ويقيني، على الرغم من كثير من الأخطاء والانحرافات من بعض من بحثوا في هذا العلم.
وهنالك أيضاً ضوابط وهنالك منهج ثابت، يعني نحن المعجزة الرقمية القائمة على العدد (7) تقوم على منهج علمي ثابت، وهذا المنهج يتطلب منا أن نقوم بمعالجة الأرقام بطريقة رياضية محكمة، فنحن عندما نضع هذه الأعداد – وطبعاً هذا الكلام في كل الأبحاث ليس في هذا المثال بل هنالك آلاف وآلاف من الأمثلة جميعها تأتي بهذا التناسق المبهر – ولكن نحن نقدم شيئاً قليلاً جداً يعني (غيض من فيض) هذه الأمثلة الغزيرة في القرآن الكريم.
فعندما نقوم بصف هذه الأرقام، قد يقول قائل من أين جئت بهذا الرقم 6612 يعني نحن إذا جمعنا حروف (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) تكون النتيجة: 2 + 1 + 6 + 6 = 15 يعني عدد حروف هذا النص القرآني (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) هو (15) حرفاً فمن أين أتيت بهذا الرقم الضخم (6612)؟
وأقول إن الله تبارك وتعالى عندما أنزل القرآن وتعهد بحفظه، وقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]، حفظه بطريقة رياضية رائعة، وهي طريقة السلاسل الرقمية، لأن طريقة جمع الحروف، سهلة التحريف، مثلاً: إذا قلنا إن قوله تعالى (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) هي (15) حرفاً فمن السهل أن يأتي أي إنسان ويقول لك أنا أستطيع أن أؤلف لك جملة من خمسة عشر حرفاً، وهذا أمر بسيط جداً قد نجد آلاف الجمل في اللغة تتألف من خمسة عشر حرفاً.
ولكن الله تبارك وتعالى فقط اختار هذه الطريقة (طريقة السلاسل الرياضية) أن كل عدد يتضاعف عن سابقه عشر مرات، يعني:
العدد (2) هو آحاد الذي يمثل حروف (يس).
العدد (1) الذي يمثل (الواو) هو عشرات.
العدد (6) الذي يمثل (القرآن ) حروف كلمة (القرآن) هو مئات.
ثم العدد الأخير هو مرتبة الآلاف.
فهذه الطريقة لا يمكن الإتيان بمثلها، هنالك استحالة، ونحن عندما نتحدث عن أن الله تبارك وتعالى أكد للبشر أنه يستحيل عليكم أن تأتوا بمثل هذا القرآن أو حتى بمثل سورة منه، أو حتى بمثل آية من هذا القرآن، إنما يكون رب العالمين قد أحكم هذا القرآن بأسس رياضية تعجز كبار علماء الرياضيات وتعجز الإنس والجن والبشر جميعاً.
إذاً.. نحن عندما نقوم بصف هذه الأرقام بعضها بجانب بعض، إنما نتبع طريقة هي طريقة السلاسل العشرية، أي كل عدد يتضاعف عن سابقه عشر مرات، وهذا النظام له أساس من القرآن الكريم، يقول تبارك وتعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]. هذا نظام، هذه آية تشير إلى نظام المضاعفات العشرية.
إذاً.. بعد هذه المقدمة ندخل الآن إلى كلمات وحروف هذا النص القرآني، لنرى كيف تتجلى فيه سور القرآن، وعدد مرات كلمات ذكر القرآن في القرآن وترتيب هذه السورة التي هي قلب القرآن في القرآن. فعندنا نعالج العدد (6612) عندما نكتب هذا العدد وننظر إليه ونقوم بتحليله رياضياً نجده مساوياً (114 × 58).
تأملوا معي هذه اللوحة الرائعة:
العدد (6612) الذي يمثل حروف (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) هذا العدد يساوي: (114) يعني عدد سور القرآن مضروباً في (58) عدد مرات ذكر كلمة (القرآن ) في القرآن.
ونعيد مرة أخرى لكي يسهل حفظ هذه الأرقام: عندما نكتب النص القرآني (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) ونكتب تحت كل كلمة عدد حروفه 2 1 6 6 ونقرأ العدد الناتج (ستة آلاف وستمائة واثنا عشر) نجد أن هذا العدد يساوي – وهو يمثل حروف (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) هذا العدد يساوي عدد سور القرآن مضروباً في عدد مرات تكرار كلمة القرآن في القرآن كله.
إن الذي يتأمل هذه اللوحة الهندسية الرائعة يرى على الفور أنه لا يمكن للمصادفة أن تصنع مثل هذا النظام، لأننا لم نأت بكلمات تتحدث عن السماء أو عن الأرض وقلنا إنها من مضاعفات الرقم (114) بل إن هذه الكلمات تتحدث عن القرآن، وتتحدث عن قسم بـ (القرآن الحكيم) وجاءت حروفه متناسقة مع العدد (114) وهو عدد سور القرآن.
العجيب في الأمر أنني عندما قرأت الحديث النبوي الشريف الذي يقول عن سورة يس إنها (قلب القرآن) ونحن نعلم كلمة القلب جاءت من التقلب، فقلت: ماذا يمكن أن يحدث إذا قلبنا اتجاه العدد ؟ يعني بدلاً من أن نقرأه كعادتنا من اليسار إلى اليمين (ستة آلاف وستمائة واثنا عشر) ماذا يحدث إذا طبقنا هذه القاعدة وقمنا بقلب العدد وعكسه وقرأناه من اليمين إلى اليسار ليصبح: (2166).
وهنا كانت المفاجئة، عندما عالجت هذا العدد (2166) وهو مقلوب العدد الذي يمثل حروف النص القرآني (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) وجدت أن هذا العدد أيضاً من مضاعفات الرقم (114) يعني لو قمنا بتحليل الرقم (2166) نجده مساوياً بالضبط (114 × 19) بالتمام والكمال. والعدد (114) كما قلنا هو عدد سور القرآن، والعدد (19) هو ترتيب قلب القرآن بين السور ذات الافتتاحيات في القرآن.
جميع الأرقام تنطق وتقول إن هذا الكلام هو كلام الله تبارك وتعالى، إن هذا الأحكام لا يمكن أن يأتي بالمصادفة يعني لو جئنا بكل ما كتب على مر الزمان، كل ما كتب، وجئنا بجمل كتبها مؤلفون وكتبها أدباء وعلماء، لا يمكن أن نجد جملة تتحدث مثلاً عن كتاب ونجد فيها عدد فصول هذا الكتاب مثلاً، ونجد أيضاً، مثلاً مؤلف الكتاب يقول إن قلب هذا الكتاب ونقلب ونرى نفس الإحكام. هذا العمل لا يمكن أن نجده أبداً، وهو دليل مادي ملموس على أن القرآن كتاب الله تبارك وتعالى.
نلخص ما سبق
إن العدد الذي يمثل حروف (يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) يساوي عدد سور القرآن (114) في عدد مرات ذكر كلمة (القرآن) في القرآن (58).
وعندما نقلب هذا العدد فإنه يصبح مساوياً إلى عدد سور القرآن (114 ) في ترتيب السورة التي هي (قلب القرآن) في القرآن (19).
وهنا لا بد أن نقف دقيقة لنتأمل.. ما معنى أن يجعل الله تبارك وتعالى في كتابه مثل هذا النظام، يعني لماذا يأتي عدد سور القرآن (114) وعندما نتأمل الآيات التي تتحدث عن القرآن نرى فيها تناسقاً مع هذا العدد.
ماذا يعني أن نجد أن أول آية في القرآن وهي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 1]، وهي الآية الأولى في القرآن تتكرر (114) مرة بعدد سور القرآن، والعدد (114) هو من مضاعفات الرقم (19). ماذا يعني أن نجد هذا التناسق في القرآن فقط من بين كل الكتب؟
إنه يعني شيئاً واحداً: أن الذي أنزل هذا القرآن حفظه بهذه اللغة، فلغة الأرقام هي لغة التوثيق العلمي اليوم، والله تبارك وتعالى وثّق كتابه وأحكمه وحفظه، بشكل يدل دلالة قطعية على أنه كتاب منزل ومنزه عن التحريف.
والسؤال: كيف يمكن أن ندعو غير المسلمين بلغة الأرقام في القرآن الكريم؟ هل هذه اللغة العددية قابلة لأن تكون وسيلة يراها أولئك الملحدون لكي يعتقدوا بأن القرآن كتاب الله؟ أقول: إن لغة الأرقام هي اللغة السائدة في هذا العصر، والغرب الذي قامت حضارته وعلومه على الإلحاد، يعشق هذه اللغة، يعشق لغة الأرقام، ونحن عندما نقدم لهم هذه الأمثلة الواضحة جداً والتي لا تقبل الشك أو الجدل أبداً.
عندما نقدم لهم هذه الحقائق، ونقدم لهم هذه الأرقام وندعوهم بها ليس للدخول في الإسلام، فقط لأن يتأملوا هذا الكتاب، ويعيدوا حساباتهم. وعندما يأتي اليوم ونرى معظم الناس من غير المسلمين ينظرون نظرة شك وارتياب إلى هذا القرآن، وأنه لا يوافق العقل أو لا يتفق مع العلم الحديث أو غير مناسب لهذا الزمان، فعندما نستخرج هذه العجائب ونقدمها لهم على أنها معجزات تناسب عصر التكنولوجيا الرقمية، فهذا سيكون من باب خطاب كل قوم بلغتهم التي يفقهونها جيداً، لأن الله تبارك وتعالى ماذا قال؟ (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125] انظروا إلى هذا الترتيب، علمنا الله تبارك وتعالى كيف ندعو إلى الله:
أولاً: بالحكمة قبل العلم، وقبل الموعظة، وقبل المجادلة (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) ومن الحكمة أن نكلم الناس بما يفقهون وبما أنهم يعشقون الأرقام نقدم لهم هذه المعجزات الرقمية. (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 125].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.