يتخوف الأهل كثيراً من التهاب السحايا، لأنهم يعتقدون أن هذا المرض يسبب وفاة مفاجئة للطفل الصغير أو الراشد. قد لا يعلمون أن أنواع التهاب السحايا متعددة، أي أن أخطارها مختلفة وعلاجاتها ممكنة. إليكم بعض المعلومات التي قد تساعدكم.
تؤدي السحايا دوراً أساسياً في الجسم، فهي تغلف الجهاز العصبي كي لا يلامس الجمجمة أو العمود الفقري مباشرة. تتألف من ثلاث طبقات:
الأم الحنون: الطبقة الأكثر عمقاً، طبقة رقيقة تصل الأوعية الدموية بالجهاز العصبي المركزي.
الأم العنكبوتية: الطبقة الوسطى.
الأم الجافية: الطبقة الخارجية، طبقة قاسية عبارة عن نسيج ضام.
أنواع الالتهاب السحايا كثيرة، نذكر منها:
- التهاب السحايا الفيروسي: وهو الأكثر شيوعاً. يصيب 80% من مرضى التهاب السحايا وهو الأقل خطورة، على شكل زكام . إلا أنه قد يؤدي إلى مضاعفات لدى الأطفال والمسنين. لذلك، لا يجب إهماله. عادةً، يتمً الشفاء بشكلٍ ذاتي من دون أي عواقب.
- التهاب السحايا البكتيري: مرض نادر يتطلب علاجاً فورياً وسريعاً. تكون عوارضه واضحة، كألم شديد في الرأس، تيبس العنق وخلل في الرؤية. قد يسبب الوفاة إذا لم يحصل المريض على الاسعافات المخصصة للطوارئ، خصوصاً تناول مضادات الالتهاب. يصاب به 600 شخص سنوياً، مع إشارةٍ إلى أن من هم دون العشرين من العمر معرضون أكثر من غيرهم للوفاة.
- التهاب السحايا الطفيلي: نادر جداً، وقد يؤدي إلى ظهور الطفيليات أو الفطر. الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض هم الذين يعانون نقصًا في المناعة.
حدد الأطباء أنواع التهاب السحايا ذي المكورة السحائية وفقاً لمجموعات عدة:
المجموعة B: وهي الأكثر شيوعاً (نصف الحالات).
المجموعة C: تشكل نسبة 35% من الحالات.
المجموعة W135: ظهرت في فرنسا، في التسعينيات.
المجموعة Y: وهي نادرة جداً (2.5% من الحالات).
المجموعة A: شائعة جداً في أفريقيا.
عالمياً، يقسم التهاب السحايا إلى 12 نوعاً، نذكر منها التهاب سحايا الدماغ والتهاب سحايا الحبل الشوكي. لا تكون العوارض الأولية واضحة، فقد تشبه عوارض الزكام. لذلك، قد يتأخر العلاج في حين أنه يجب المباشرة به باكراً جداً. إذا بدأ المريض بالعلاج متأخراً، قد لا يشفى نهائياً.
يتطور المرض على ثلاث مراحل وهي:
- فترة الحضانة: لا يظهر فيها المريض أي عوارض.
- تفشي المرض: يشعر المريض بالتعب وترتفع حرارته.
- التفشي إلى أعضاء الجسم: تبدو العوارض واضحة.
تقوم الأجسام الضدية بعملها، لكنها أحياناً لا تكفي وحدها، لذلك يجب علاج المرض بسرعة. عندما تنتشر البكتيريا في الدم، قد يصاب المريض بخمج الدم ويفارق الحياة.
مصدره ومخاطره
في البدء، قد يكون المريض مصاباً بخمج الدم، أو بأمراض شائعة كالخناق، التهاب الجيب أو الأذن. قد تتفاقم هذه الأمراض لتتحول إلى التهاب السحايا في حال أجرى المريض جراحة أو أصيب بجرحٍ في الجمجمة.
قد ينتقل المرض بالعدوى، فالبكتيريا قد تنتقل بواسطة اللعاب، السعال أو العطس. يفضل إذاً عدم الشرب بالأكواب ذاتها، وعدم تبادل السجائر، الأغطية، فراشي الأسنان، إلخ. يشار إلى أن التبغ قد يزيد خطر الإصابة بالتهاب السحايا ذي المكورة السحائية، فالبكتيريا تصل إلى جدران الحنجرة بشكلٍ أسهل.
سكان بعض المناطق عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بهذا المرض، كالبريطانيين مثلاً. لم تعتبر فرنسا من بين هذه المناطق، على رغم أن عدد المصابين فيها بالتهاب السحايا قد ارتفع، خصوصاً بين عامي 1995 و2001.
العوارض الرئيسة هي: حرارة شديدة، صداع قوي، تيبس العنق، ظهور بعض البقع البنفسجية، والنعاس، خصوصاً لدى الأطفال والقيء أحياناً.
الأطفال ما دون الخامسة هم الأكثر عرضة لهذا المرض، إلا أنه قد يصيب أيضاً من هم دون السنة أو الذين تجاوزوا الخامسة والعشرين. يزيد التعب، الإجهاد وضعف الجهاز المناعي من هشاشة الجسم.
اللقاح
عندما يتم الإعلان عن وجود إصابات، قد يساهم اللقاح بإنقاذ حياة بعض المرضى. يشار إلى أن لقاحات عدة إلزامية قد تؤثر بشكل غير مباشر على بعض أنواع التهابات السحايا، كلقاح الحصبة، أبوكعيب، الحميراء.
توصل العلماء إلى تركيب لقاحٍ ضد التهاب السحايا قبل سنوات عدة، بفضل جهود بريطانيا، التي تضررت بشكلٍ خاص. وقد أُطلقت حملة تلقيح واسعة بدءاً من عام 2000. بفضل هذه الحملة، انخفض عدد وفيات الأشخاص ما دون العشرين من 67 عام 1999 إلى 3 عام 2000.
في فرنسا، يتم التلقيح بعد استشارة الطبيب وموافقة الأهل. عام 2009، أصدر المجلس الأعلى للصحة العامة توصية: تلقيح الأطفال بدءاً من عمر السنة وحتى 24 عاماً ضد التهاب السحايا ذي المكورة السحائية. اندرجت هذه التوصية في برنامج التلقيح بدءاً من شهر أبريل عام 2010. هذا التلقيح فاعل بنسبة 90% ولا يحتاج المرضى منه سوى إلى حقنة، ما عدا الرضع من شهرين إلى سنة الذين يحتاجون إلى حقنتين.
ننصحكم باللقاحات المخصصة للأنواع الأخرى من التهابات السحايا عندما تسافرون إلى ساحل أفريقيا.
البزل القطني: هو عبارة عن فحص يشخص الإصابة بالتهاب السحايا بنسبة 100%. يقوم الفحص على أخذ عينة من سائل الرأسية السيسائية، الموجود في الأم الحنون والأم العنكبوتية. يحدد تحليل السائل ما إذا كان المريض مصاباً بالتهاب السحايا وبأي نوع.
يتم البزل القطني فوراً فينام المريض على جنبه ويخدر موضعياً قبل اختراق الإبرة الفقرات بغية استخراج عينة من سائل الرأسية السيسائية. البزل القطني ليس خطيراً، إنما قد يسبب ألماً في الرأس.
عليكم البدء في العلاج في أقرب وقت ممكن، عبر تناول مضادات الالتهاب حتى إن لم يكن الطبيب قد شخص إصابتكم بعد. وعندما يتم تشخيص المرض، يصف لكم الطبيب أدوية محددة، تخفف من خطر خمج الدم. تعطى مضادات الالتهاب بواسطة حقنة في الأوردة لأيام عدة. في حال لم يزل خمج الدم، يرتفع خطر الوفاة من 7 إلى 50%.
يتناول محيط المريض أيضاً مضادات الالتهاب لفترة يومين. أما إذا كان الفرد مصاباً بالتهاب السحايا من النوع A أو C، فقد يطلب من المقربين القيام بالحقن.
التهاب السحايا داء مخيف، لأنه يؤدي إلى وفاة بعض الأشخاص سنوياً، خصوصاً الأطفال والشبان. لكن لحسن الحظ، يعتبر هذا المرض نادراً. للوقاية من التهاب السحايا، ننصحكم بتلقيح أطفالكم في سن مبكر.