لا شك أن نتيجة موقعة نهائي مونديال رافينا في حد ذاتها دليل حي على هبوب رياح التغيير في عالم الساحرة الشاطئية. إذ لم يتجرّع المنتخب البرازيلي مرارة الخسارة طوال 30 مباراة بالتمام والكمال، ولم ينهزم في موقعة حسم اللقب أبدا. لكنه عجز هذه المرة عن مواصلة التألق، وكان اندحاره مدويا "هزيمة ساحقة 8-12". هذا ولم يكن اللقب من نصيب أحد المنتخبات العريقة في هذه الرياضة، كالبرتغال مثلا أو غيره من البلدان التي كانت قاب قوسين أو أدنى من لقب كأس العالم لكرة قدم الشاطئ FIFA، بل إنه عاد هذه المرة لروسيا.
رغم ذلك لم يكن النصر الروسي مجرد فرق عددي في النتيجة النهائية، ولا دليلا فقط على سطوع نجم منتخب جديد. فقد أكد انتصار أبطال أوروبا العريض، وتنظيمهم الدفاعي المحكم ضد المهارات البرازيلية، مسلسل التطور العام الذي تعيشه هذه الرياضة والذي بدا جليا من اليوم الأول للمسابقة. حيث لا يتأتى الانتصار في كرة القدم الشاطئية لمجرد امتلاك الفريق لمواهب أكثر من تلك التي يضمها الخصم. كما اتضح بالملموس أن كافة المنتخبات استوعبت المبادئ التكتيكية الدفاعية، وأن زمن الانتصارات الساحقة قد ولى بلا رجعة.
وقد صرح المدير الفني البرازيلي، أليكساندر سواريس، في هذا الصدد لموقع FIFA.com : "لقد أصبح اللعب تكتيكيا بشكل لا يتصور. يكفي الإطلاع على نتائج المباريات ومشاهدة مجرياتها لملاحظة هذا الأمر، لقد أصبح العثور على المساحات أصعب". لا شك أن في حديث مدرب أبطال العالم أربع مرات إشارة إلى معاناة كتيبته في إدراك الفوز بأكثر من ثلاثة أهداف كفارق، كما فيه تلميح للهزيمة المدوية في موقعة النهائي أمام الصرامة والانضباط الروسيين.
وقد علق المدرب الروسي، ميخائيل ليخاشيف، على حصيلته أبنائه في نهائيات رافينا قائلا : "أنا سعيد بامتلاك فريق بهذا الشكل، فلاعبونا الاثنى عشر متمكنون من المبادئ الأساسية، ويحفظون أسلوب لعبنا عن ظهر قلب، كما يمتلكون مميزات فريدة. هكذا أتصور الرياضات الجماعية وهكذا أفضلها". ثم واصل مشيرا إلى تألق قائد الكتيبة، إليا ليونوف، وإحرازه لجائزة الكرة الذهبية adidas، حيث أكد أنه "يشكل محور الكثير من عملياتنا، وأعتقد أن حصوله على هذه الجائزة أمر مستحق بالنظر لمشوارنا الطيب". هذا ولم يقتصر التفوق الروسي على هذا الحد، بل امتد إلى العرين أيضا، حيث نال الحارس الأمين، أندري بوخليتسكي، جائزة القفاز الذهبي adidas، التي تتوج أفضل حارس في المسابقة.
انتصارات تاريخية
لم تهب رياح التغيير على أصحاب المراكز الأولى. فقد بدأت الإنجازات التاريخية في رافينا منذ اليوم الثاني، حيث أحرزت تاهيتي، التي ظهرت استهلت مشوارها هذه المسابقة قبل أربع سنوات فقط وستحتضن مونديال 2013، أول انتصاراتها في النهائيات أمام الوافد الجديد فنزويلا بواقع 5-2، بينما وقف منتخب عمان المغمور خصما عنيدا ضد الأرجنتين في المباراة الافتتاحية، ولم ينهزم إلا بشق الأنفس 1-3، قبل أن ينهار بعد ذلك وينهزم مرتين ضد كل من البرتغال والسلفادور.
هذا وأظهر المنتخب السنغالي قدرات محترمة في نهائيات رافينا، وحظي بإعجاب المتتبعين. حيث خرج من دور الثمانية أمام البرتغال بعد اللجوء إلى الركلات الترجيحية. رغم ذلك شكلت السلفادور أكبر مفاجآت هذه الدورة، وعاش لاعبوها لحظات خالدة طوال الأيام الأحد عشر التي قضوها فوق رمال ملعب البحر. إذ مكث وصيف بطل CONCACAF في المسابقة من اليوم الأول إلى اليوم الأخير، وهو أمر لم يتوقعه أكثر أنصاره تفاؤلا، وخصوصا بعد مباراة اليوم الافتتاحي.
شارك منتخب السلفادور في أم بطولات الساحرة الشاطئية مرتين قبل نهائيات رافينا، حيث كان حاضرا في دورتي مارسيليا 2008 ودبي 2009، لكنه لم يتذوق حلاوة النصر أبدا، وانهزم في مبارياته الست. أما هذه المرة، فقد كانت مسيرة ممثلي أمريكا الشمالية الوسطى والكاريبي خارقة للعادة. إذ أدركوا الانتصار الأول في النهائيات أمام عمان، ثم أصبح ذلك الإنجاز جزءا من الماضي بعد تأهلهم إلى دور الثمانية وإقصائهم للأرجنتين. لكنهم لم يكتفوا بهذا القدر، بل أطاحوا بأصحاب الضيافة الإيطاليين في ربع النهائي، وضمنوا تذكرة العبور إلى المربع الذهبي عن جدارة واستحقاق. هذا وذاع صيت مهاجم منتخب السلفادور، فرانشيسكو فيلاسكويز، في هذه الدورة، حيث انتزع هذا اللاعب القصير القامة والموهوب، والذي حمل لقب روماريو خلال مسيرته بالبرازيل، جائزة الكرة البرونزية adidas وجائزة الحذاء البرونزي adidas.
رغم ذلك هناك ثوابت لم تشملها رياح التغيير، كالبراعة البرازيلية المجسدة في صاحب الحذاء الذهبي adidas، أندري، الذي أحرز 6 أهداف كاملة في موقعة الحسم، والفعالية البرتغالية التي تجسدت في احتلال أبناء شبه الجزيرة الأيبيرية المركز الثالث للمرة الثالثة على التوالي، فضلاً حماسة فريق المشجعات والأهداف الكثيرة والجميلة. لقد استمرت تلك الأمور كلها، أما عرش الساحرة الشاطئية، فسيبقى بين يدي المنتخب الروسي إلى غاية 2013 على الأقل.
البلدان المشاركة
الأرجنتين، البرازيل، السلفادور، إيران، إيطاليا، اليابان، المكسيك، نيجيريا، عمان، البرتغال، السنغال، سويسرا، تاهيتي، أوكرانيا، فنزويلا.
الترتيب
1. روسيا
2. البرازيل
3. البرتغال
4. السلفادور
مجموع الأهداف
269 (بمعدل 8.4 أهداف في كل مباراة).
ترتيب الهدافين
أندري (البرازيل) 14 هدفا
مادجر (البرتغال) 12 هدفا
فرانشيسكو فيلاسكويز (السلفادور) 9 أهداف
الجوائز
الكرة الذهبية adidas : إيليا ليونوف (روسيا)
القفاز الذهبي adidas : أندري بوخليتسكي (روسيا)